فصل: كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ:

قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصًّا: أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا قَاطِعًا لَمْ يُطْلِقُ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ مِنْهَا: فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.
(قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُكْرَهُ لُحُومُ الْأُتُنِ وَأَلْبَانُهَا وَأَبْوَالُ الْإِبِلِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا بَأْسَ بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ) وَتَأْوِيلُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا لِلتَّدَاوِي، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَالذَّبَائِحِ فَلَا نُعِيدُهَا وَاللَّبَنُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ اللَّحْمِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ.
الشرح:
كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ:
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالِادِّهَانُ وَالتَّطَيُّبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «فِي الَّذِي يَشْرَبُ فِي إنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ»، وَأُتِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِشَرَابٍ فِي إنَاءِ فِضَّةٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ: «نَهَانَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الشَّرَابِ، فَكَذَا فِي الْإِدْهَانِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِزِيِّ الْمُشْرِكِينَ وَتَنَعُّمٌ بِتَنْعِيمِ الْمُتْرَفِينَ وَالْمُسْرِفِينَ.
وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: يُكْرَهُ وَمُرَادُهُ التَّحْرِيمُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءِ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَكَذَلِكَ الْأَكْلُ بِمِلْعَقَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالِاكْتِحَالُ بِمَيْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكَذَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالْمُكْحَلَةِ وَالْمِرْآةِ وَغَيْرِهِمَا لِمَا ذَكَرْنَا.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: «قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الَّذِي يَشْرَبُ مِنْ إنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ فِضَّةٍ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ»، انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «مَنْ شَرِبَ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ»، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ»، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبُخَارِيُّ الْأَكْلَ، وَلَا ذَكَرَ الذَّهَبَ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَشْرِبَةِ، وَمُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ اللِّبَاسِ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَارِي ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ، وَزَادَ: «فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ»، أَوْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيَحْيَى الْجَارِي فِيهِ مَقَالٌ، أَخْرَجَاهُ فِي الطَّهَارَةِ قَالَ فِي الْإِمَامِ: الْآنِيَةُ جَمْعُ إنَاءٍ، نَحْوُ حِمَارٍ وَأَحْمِرَةٍ، لَا كَمَا يَظُنُّ الْعَامَّةُ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ فِي «صِفَةِ الْحَوْضِ: آنِيَةٌ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ».
الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّ «أَبَا هُرَيْرَةَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فِي إنَاءِ فِضَّةٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَقَالَ: نَهَانَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ».
قُلْت: غَرِيبٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ حُذَيْفَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: «اسْتَسْقَى حُذَيْفَةُ، فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ فِي إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ»، انْتَهَى.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَشْرِبَةِ وَالْأَطْعِمَةِ وَاللِّبَاسِ، وَمُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَة، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْأَشْرِبَةِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَشْرِبَةِ وَاللِّبَاس، وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ وَفِي الْوَلِيمَةِ قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ آنِيَةِ الرَّصَاصِ وَالزُّجَاجِ وَالْبَلُّورِ وَالْعَقِيقِ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي التَّفَاخُرِ بِهِ، قُلْنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ التَّفَاخُرُ بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
قَالَ: (وَيَجُوزُ الشُّرْبُ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالرُّكُوبُ عَلَى السَّرْجِ الْمُفَضَّضِ وَالْجُلُوسُ عَلَى الْكُرْسِيِّ الْمُفَضَّضِ وَالسَّرِيرِ الْمُفَضَّضِ إذَا كَانَ يَتَّقِي مَوْضِعَ الْفِضَّةِ) وَمَعْنَاهُ يَتَّقِي مَوْضِعَ الْفَمِ، وَقِيلَ هَذَا، وَمَوْضِعُ الْيَدِ فِي الْأَخْذِ، وَفِي السَّرِيرِ وَالسَّرْجِ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ يُرْوَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُرْوَى مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِنَاءُ الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْكُرْسِيُّ الْمُضَبَّبُ بِهِمَا، وَكَذَا إذَا جُعِلَ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ وَالْمِشْحَذِ وَحَلَقَةِ الْمِرْآةِ أَوْ جُعِلَ الْمُصْحَفُ مُذَهَّبًا أَوْ مُفَضَّضًا، وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي اللِّجَامِ وَالرِّكَابِ وَالثُّفْرِ إذَا كَانَ مُفَضَّضًا، وَكَذَا الثَّوْبُ فِيهِ كِتَابَةٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَلَى هَذَا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَخْلُصُ، وَأَمَّا التَّمْوِيهُ الَّذِي لَا يَخْلُصُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ، لَهُمَا: أَنَّ مُسْتَعْمِلَ جُزْءٍ مِنْ الْإِنَاءِ مُسْتَعْمِلٌ جَمِيعَ الْأَجْزَاءِ فَيُكْرَهُ كَمَا إذَا اسْتَعْمَلَ مَوْضِعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ تَابِعٌ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّوَابِعِ فَلَا يُكْرَهُ كَالْجُبَّةِ الْمَكْفُوفَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ وَمِسْمَارِ الذَّهَبِ فِي الْفَصِّ.
قَالَ: (وَمَنْ أَرْسَلَ أَجِيرًا لَهُ مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا، فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ)، لِأَنَّ قَوْلَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يُعْتَقَدُ فِيهِ حُرْمَةُ الْكَذِبِ، وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَى قَبُولِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْمُعَامَلَاتِ.
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ) مَعْنَاهُ: إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ، لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْحِلِّ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ.
قَالَ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَالصَّبِيِّ)، لِأَنَّ الْهَدَايَا تُبْعَثُ عَادَةً عَلَى أَيْدِي هَؤُلَاءِ، وَكَذَا لَا يُمْكِنُهُمْ اسْتِصْحَابُ الشُّهُودِ عَلَى الْإِذْنِ عِنْدَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَالْمُبَايَعَةِ فِي السُّوقِ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا قَالَتْ جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ: بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْك هَدِيَّةً وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا أَخْبَرَتْ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى غَيْرَهَا أَوْ نَفْسَهَا لِمَا قُلْنَا.
قَالَ: (وَيُقْبَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ قَوْلُ الْفَاسِقِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ إلَّا قَوْلُ الْعَدْلِ) وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ يَكْثُرُ وُجُودُهَا فِيمَا بَيْنَ أَجْنَاسِ النَّاسِ، فَلَوْ شَرَطْنَا شَرْطًا زَائِدًا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِيهَا عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا، عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى دَفْعًا لِلْحَرَجِ.
أَمَّا الدِّيَانَاتُ فَلَا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا حَسَبَ وُقُوعِ الْمُعَامَلَاتِ، فَجَازَ أَنْ يُشْتَرَطُ فِيهَا زِيَادَةُ شَرْطٍ فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا قَوْلُ الْمُسْلِمِ الْعَدْلِ، لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْهُمْ، وَالْكَافِرَ لَا يَلْتَزِمُ الْحُكْمَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُسْلِمَ بِخِلَافِ الْمُعَامَلَاتِ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ الْمَقَامُ فِي دِيَارِنَا إلَّا بِالْمُعَامَلَةِ، وَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ الْمُعَامَلَةُ إلَّا بَعْدَ قَبُولِ قَوْلِهِ فِيهَا فَكَانَ فِيهِ ضَرُورَةً وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هُوَ الْفَاسِقُ فِيهِ سَوَاءٌ حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِمَا أَكْبَرُ الرَّأْيِ.
قَالَ: (وَيُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالْأَمَةِ إذَا كَانُوا عُدُولًا)، لِأَنَّ عِنْدَ الْعَدَالَةِ الصِّدْقَ رَاجِحٌ، وَالْقَبُولُ لِرُجْحَانِهِ، فَمِنْ الْمُعَامَلَاتِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمِنْهَا التَّوْكِيلُ، وَمِنْ الدِّيَانَاتِ: الْإِخْبَارُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ حَتَّى إذَا أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَيَتَيَمَّمُ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا تَحَرَّى، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ، وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَ الْمَاءَ ثُمَّ تَيَمَّمَ كَانَ أَحْوَطَ، وَمَعَ الْعَدَالَةِ يَسْقُطُ احْتِمَالُ الْكَذِبِ، فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِيَاطِ بِالْإِرَاقَةِ، أَمَّا التَّحَرِّي فَمُجَرَّدُ ظَنٍّ وَلَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْكَذِبِ بِالتَّحَرِّي، وَهَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِمَا قُلْنَا، وَمِنْهَا الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زَوَالُ الْمِلْكِ وَفِيهَا تَفَاصِيلُ وَتَفْرِيعَاتُ ذَكَرْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.
قَالَ: (وَمَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ أَوْ طَعَامٍ فَوَجَدَ ثَمَّةَ لَعِبًا أَوْ غِنَاءً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْعُدَ وَيَأْكُلَ) فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: اُبْتُلِيتُ بِهَذَا مَرَّةً فَصَبَرْتُ، وَهَذَا، لِأَنَّ إجَابَةَ الدَّعْوَةِ سُنَّةٌ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» فَلَا يَتْرُكُهَا لِمَا اقْتَرَنَتْ بِهِ مِنْ الْبِدْعَةِ مِنْ غَيْرِهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةُ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ حَضَرَتْهَا نِيَاحَةٌ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ مَنَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصْبِرُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَدًى، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِمْ يَخْرُجُ وَلَا يَقْعُدْ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شَيْنَ الدِّينِ وَفَتْحَ بَابِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُقْتَدَى بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: «فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْحُضُورِ، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْحُضُورِ لَا يَحْضُرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ حَقُّ الدَّعْوَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا هُجِمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ، وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَلَاهِيَ كُلَّهَا حَرَامٌ حَتَّى التَّغَنِّيَ بِضَرْبِ الْقَضِيبِ، وَكَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: اُبْتُلِيتُ، لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِالْمُحَرَّمِ يَكُونُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ».
قُلْت: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ الصَّحِيحِ فِي النِّكَاحِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عِيَاضٍ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، انْتَهَى.
هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ إلَّا التِّرْمِذِيَّ مَوْقُوفًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ دَعْوَةً، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، انْتَهَى أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي النِّكَاحِ، وَأَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَةِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْوَلِيمَةِ، وَلَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَةِ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ طَارِقٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا، وَخَرَجَ مُغِيرًا»، انْتَهَى.
وَأَبَانُ بْنُ طَارِقٍ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ شَيْخٌ مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا الْحَدِيثُ إلَّا بِهِ، وَدُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ أَيْضًا لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَقِيلَ: هُوَ دُرُسْتُ بْنُ حَمْزَةَ، وَقِيلَ: بَلْ هُمَا اثْنَانِ ضَعِيفَانِ، قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ، لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ: إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، انْتَهَى.

.فصلٌ فِي اللُّبْسِ:

قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءِ)، لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَلْبَسُهُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» وَإِنَّمَا حَلَّ لِلنِّسَاءِ بِحَدِيثٍ آخَرَ.
وَهُوَ مَا رَوَاهُ عِدَّةُ مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَبِإِحْدَى يَدَيْهِ حَرِيرٌ وَبِالْأُخْرَى ذَهَبٌ وَقَالَ: هَذَانِ مُحَرَّمَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ» وَيُرْوَى «حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ».
الشرح:
فصلٌ فِي اللُّبْسِ:
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَلْبَسُهُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ».
قُلْت: هُمَا حَدِيثَانِ: فَالْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ حُذَيْفَةَ.
وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَحُذَيْفَةُ «قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ».
انْتَهَى.
وقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ»، وَفِيهِ: وَعَنْ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ، وَالثَّانِي: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلِلْوَفْدِ إذَا قَدِمُوا عَلَيْك، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا»، انْتَهَى.
وَهَذَا الْأَخُ، كَانَ أَخَا عُمَرَ مِنْ أُمِّهِ.
صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ النَّسَائِيّ، قَالَ: فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مِنْ أُمِّهِ مُشْرِكًا، قِيلَ: إنَّ اسْمَهُ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، فَأَمَّا أَخُوهُ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، رَوَاهُ فِي الْجُمُعَةِ وَاللِّبَاسِ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: مِنْهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ وَبِإِحْدَى يَدَيْهِ حَرِيرٌ، وَبِالْأُخْرَى ذَهَبٌ، وَقَالَ: هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ».
قُلْت: حَدِيثُ عَلِيٍّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ فِي اللِّبَاسِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ.
وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ عَشَرَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا، فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي»، زَادَ ابْنُ مَاجَهْ: «حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ»، انْتَهَى.
ولِحَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ جِهَةِ اللَّيْثِ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ عَنْهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي أَفْلَحَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ هَكَذَا، هَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الصَّعْبَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، يُقَالُ لَهُ: أَفْلَحُ عَنْ ابْنِ زُرَيْرٍ، وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ: أَبُو أَفْلَحَ عَنْ ابْنِ زُرَيْرٍ، هَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ: وَحَدِيثُ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، إلَّا قَوْلَهُ: عَنْ أَفْلَحَ، فَإِنَّ أَبَا أَفْلَحَ، أَوْلَى بِالصَّوَابِ انْتَهَى الْوَجْهُ الثَّانِي: مِنْ جِهَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ أَبِي أَفْلَحَ الْهَمْدَانِيِّ، رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمِنْ جِهَتِهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمِنْ جِهَتِهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ: عَنْ أَبِي الْأَفْلَحِ بِالتَّعْرِيفِ، وَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جِهَةِ النَّسَائِيّ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرِجَالُهُ مَعْرُوفُونَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَكَذَا قَالَ: وَأَبُو أَفْلَحَ مَجْهُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْرٍ مَجْهُولُ الْحَالِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْرٍ ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، وَوَثَّقَهُ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إحْدَى وَثَمَانِينَ، فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. انْتَهَى.
وَلَمْ يَعْزُهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ إلَّا لِلنَّسَائِيِّ فَقَطْ، وَقَلَّدَ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ أَحْكَامَ عَبْدِ الْحَقِّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ مِنْ جِهَتِهِ فَقَطْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ، وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ»، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأُمِّ هَانِئٍ، وَأَنَسٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي رَيْحَانَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالْبَرَاءِ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: وَخَبَرُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى فِي هَذَا الْبَابِ مَعْلُولٌ لَا يَصِحُّ. انْتَهَى.
وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ: وَقَدْ رَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى عَقِيلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي مُوسَى شَيْئًا، وَرَوَاهُ سُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى وَوَهَمَ فِي مَوْضِعَيْنِ، فِي قَوْلِهِ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَفِي تَرْكِهِ نَافِعًا مِنْ الْإِسْنَادِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ فِي بَابِ مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ، لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا»، وَتَابَعَهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكِلَاهُمَا وَهَمَ، فَقَدْ رَوَى طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: «سَمِعْتَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَرِيرِ شَيْئًا: قَالَ: لَا»، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وَهَمِهِمَا، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَسَعِيدٌ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي مُوسَى، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي مُوسَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْأَفْرِيقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إحْدَى يَدَيْهِ ثَوْبٌ مِنْ حَرِيرٍ، وَفِي الْأُخْرَى ذَهَبٌ، فَقَالَ: إنَّ هَذَيْنِ مُحَرَّمٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عُمَرَ، بِنَحْوِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَوَاءً، قَالَ الْبَزَّارُ: وَعَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِ عُمَرَ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ أَيْضًا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ الصَّائِغُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِنَحْوِهِ سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَبَّادٌ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ثَنَا ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَخْبَرَتْنِي أُنَيْسَةُ بِنْتُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ حِلٌّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِهَا»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ قِيرَاطٍ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ وَاثِلَةَ عَنْ أَبِيهَا، بِنَحْوِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، سَوَاءً.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ: فَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ زُغْبَةُ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقَيَّةَ سَمِعْتُ مَسْلَمَةً بْنَ مَخْلَدٍ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، بِلَفْظِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ.
قَالَ: (إلَّا أَنَّ الْقَلِيلَ عَفْوٌ وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعَةٍ كَالْأَعْلَامِ وَالْمَكْفُوفِ بِالْحَرِيرِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ» أَرَادَ الْأَعْلَامَ.
وَعَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ جُبَّةً مَكْفُوفَةً بِالْحَرِيرِ».
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَال: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَرْفَعْهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ غَيْرُ قَتَادَةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، فَلَعَلَّهُ بَلَّغَهُ عَنْهُ، وَقَدْ رَوَاهُ بَيَانٌ، وَدَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ سُوَيْد عَنْ عُمَرَ، قَوْلُهُ. انْتَهَى.
قُلْت: رَوَاهُ النَّسَائِيّ مَوْقُوفًا، وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْحَرِيرِ، إلَّا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَ»، قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الْإِعْلَامَ، انْتَهَى.
زَادَ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ فِيهِ: «إلَّا هَكَذَا، وَهَكَذَا، إصْبَعَيْنِ، وَثَلَاثَةً، وَأَرْبَعَةً».
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ جُبَّةً مَكْفُوفَةً بِالْحَرِيرِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي عُمَرَ، مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السُّوقِ، وَقَدْ اشْتَرَى ثَوْبًا شَامِيًّا، فَرَأَى فِيهِ خَيْطًا أَحْمَرَ فَرَدَّهُ، فَأَتَيْت أَسْمَاءَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا جَارِيَةُ نَاوِلِينِي جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجَتْ لِي جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ، لَهَا لِينَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ: كَانَتْ هَذِهِ عِنْدَ عَائِشَةَ، حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ، أَخَذْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَفْظُهُ: «فَأَخْرَجَتْ لِي جُبَّةً مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ، وَالْكُمَّيْنِ، وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ»، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَلَفْظُهُ قَالَ: «أَخْرَجَتْ لِي أَسْمَاءُ جُبَّةً مِنْ طَيَالِسَةٍ عَلَيْهَا لِينَةُ شِبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ، وَأَنَّ فَرْجَيْهَا مَكْفُوفَانِ بِهِ، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ وَلِلْجُمُعَةِ» انْتَهَى.
وفِي الْبَابِ: حَدِيثُ خَصِيفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ، فَأَمَّا الْعَلَمُ وَشَبَهُهُ، فَلَا بَأْسَ بِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ السَّرَقُسْطِيُّ: الْمُصْمَتُ الْمُبْهَمُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِتَوَسُّدِهِ وَالنَّوْمِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَا: يُكْرَهُ) وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي سِتْرِ الْحَرِيرِ وَتَعْلِيقِهِ عَلَى الْأَبْوَابِ لَهُمَا: الْعُمُومَاتُ، وَلِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْأَكَاسِرَةِ وَالْجَبَابِرَةِ، وَالتَّشَبُّهُ بِهِمْ حَرَامٌ، وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إيَّاكُمْ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ، وَلَهُ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَلَسَ عَلَى مِرْفَقَةِ حَرِيرٍ».
وَقَدْ كَانَ عَلَى بِسَاطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِرْفَقَةُ حَرِيرٍ، وَلِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْمَلْبُوسِ مُبَاحٌ كَالْأَعْلَامِ، فَكَذَا الْقَلِيلُ مِنْ اللُّبْسِ وَالِاسْتِعْمَالِ، وَالْجَامِعُ كَوْنُهُ نَمُوذَجًا عَلَى مَا عُرِفَ.
الشرح:
قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إيَّاكُمْ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ.
قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ التَّاسِعِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يَقُولُ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّزِرُوا، وَارْتَدُوا، وَانْتَعِلُوا، وَارْمُوا بِالْخِفَافِ، وَاقْطَعُوا السَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ، فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَاخْشَوْشِنُوا، وَاخْلَوْلِقُوا، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَانْزُوا نَزْوًا، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ الْحَرِيرِ، إلَّا هَكَذَا، وَضَمَّ إصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى، انْتَهَى.
ورَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ، عَنْ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ إلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ ثَنَا أَبُو النَّضْرِ ثَنَا شُعْبَةُ بِهِ، سَوَاءً، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ: وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْأَثَرِ لِلصَّاحِبَيْنِ عَلَى كَرَاهِيَةِ تَوَسُّدِ الْحَرِيرِ، وَلَوْ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ لَكَانَ أَوْلَى، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ»، انْتَهَى.
وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ أَجِدْ الْحُمَيْدِيَّ ذَكَرَهُ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى مِرْفَقَةِ حَرِيرٍ».
قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى بِسَاطِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِرْفَقَةُ حَرِيرٍ.
قُلْت: يُشْكِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ.
قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ»، انْتَهَى أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الثِّقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ فِي أَوَّلِ الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ مِمَّنْ مَاتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ رَاشِدٍ، مَوْلَى لِبَنِي عَامِرٍ، قَالَ: رَأَيْت عَلَى فِرَاشِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِرْفَقَةَ حَرِيرٍ. انْتَهَى.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ مُؤَذِّنِ بَنِي وَادِعَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى مِرْفَقَةِ حَرِيرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: اُنْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ عَنِّي، فَإِنَّك حَفِظْتَ عَنِّي كَثِيرًا، انْتَهَى.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ عِنْدَهُمَا) لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَخَّصَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ» وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً فَإِنَّ الْخَالِصَ مِنْهُ أَدْفَعُ لِمَعَرَّةِ السِّلَاحِ وَأَهْيَبُ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ لِبَرِيقِهِ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ)، لِأَنَّهُ لَا فَصْلَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ، وَالضَّرُورَةُ انْدَفَعَتْ بِالْمَخْلُوطِ، وَهُوَ الَّذِي لُحْمَتُهُ حَرِيرٌ وَسَدَاهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْمَحْظُورُ لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَخْلُوطِ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ مَا سَدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ غَيْرُ حَرِيرٍ كَالْقُطْنِ وَالْخَزِّ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ)، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَزَّ مُسْدًى بِالْحَرِيرِ، وَلِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَصِيرُ ثَوْبًا بِالنَّسْجِ، وَالنَّسْجُ بِاللُّحْمَةِ فَكَانَتْ هِيَ الْمُعْتَبَرَةَ دُونِ السَّدَى، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَكْرَهُ ثَوْبَ الْقَزِّ يَكُونُ بَيْنَ الْفَرْوِ وَالظِّهَارَةِ، وَلَا أَرَى بِحَشْوِ الْقَزِّ بَأْسًا، لِأَنَّ الثَّوْبَ مَلْبُوسٌ، وَالْحَشْوُ غَيْرُ مَلْبُوسٍ.
قَالَ: (وَمَا كَانَ لُحْمَتُهُ حَرِيرًا وَسَدَاهُ غَيْرَ حَرِيرٍ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَرْبِ) لِلضَّرُورَةِ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ) لِانْعِدَامِهَا وَالِاعْتِبَارُ لِلُّحْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
الشرح:
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: رَوَى الشَّعْبِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ عِنْدَ الْقِتَالِ».
قُلْت: غَرِيبٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ عَنْ عِيسَى بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ عِنْدَ الْقِتَالِ»، انْتَهَى.
وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ بِعِيسَى هَذَا، وَقَالَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ، بَلْ مَتْرُوكٌ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَبَقِيَّةُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَعِيسَى ضَعِيفٌ، وَمُوسَى بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ضَعِيفٌ أَيْضًا، انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ فِي الْحَرْبِ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَزَّ.
قُلْت: فِيهِ آثَارٌ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: رَأَيْت عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يَلْبَسُ الْخَزَّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مُطْرَفَ خَزٍّ. انْتَهَى.
ورَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، قَالَ: رَأَيْت عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ جُبَّةَ خَزٍّ، وَكِسَاءَ خَزٍّ، وَأَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، انْتَهَى.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَعَلَيْهِ كِسَاءُ خَزٍّ. انْتَهَى.
ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ السُّدِّيَّ، قَالَ: رَأَيْت الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ، وَقَدْ أَخْرَجَ شَعْرَهُ مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ صَفْوَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ يَقُولُ: اسْتَأْذَنَ سَعْدٌ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَتَحْتَهُ مَرَافِقُ مِنْ حَرِيرٍ، فَأَمَرَ بِهَا، فَرُفِعَتْ فَدَخَلَ سَعْدٌ، وَعَلَيْهِ مُطْرَفُ خَزٍّ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَامِرٍ: اسْتَأْذَنْتَ عَلَيَّ، وَتَحْتِي مَرَافِقُ مِنْ حَرِيرٍ، فَأَمَرَ بِهَا فَرُفِعَتْ، فَقَالَ لَهُ: نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ يَا ابْنَ عَامِرٍ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ سِتَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُونَ الْخَزَّ، سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، انْتَهَى.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْخَزَّ، وَقَالَ: إنَّمَا يُكْرَهُ الْمُصْمَتُ مِنْ الْحَرِيرِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ أَخْبَرَنِي عَمَّارٌ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ مُطْرَفَ خَزٍّ، وَرَأَيْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مُطْرَفَ خَزٍّ، وَرَأَيْت عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، مَا لَا أُحْصِي، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: رَأَيْت عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى مُطْرَفَ خَزٍّ. انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ، قَالَ: رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، وَعَلَيْهِ بُرْنُسُ خَزٍّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ لِأَبِي بَكْرَةَ مُطْرَفُ خَزٍّ، سَدَاهُ حَرِيرٌ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ. انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ ثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا قَتَادَةَ يَلْبَسُونَ مَطَارِفَ الْخَزّ، انْتَهَى.
ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي قَتَادَةَ، وَاسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَوَيْرِيَةَ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ رُبَّمَا لَبِسَ مُطْرَفَ الْخَزِّ، ثَمَنُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَكَانَ جَلْدًا مُعْتَدِلًا، وَكَانَ عَلَيْهِ كِسَاءُ خَزٍّ، وَجُبَّةُ خَزٍّ، وَقَطِيفَةُ خَزٍّ، مُلْتَحِفًا بِهَا عَلَيْهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ إِسْحَاقُ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ الْمُلَائِيُّ ثَنَا قَطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ مُطْرَفَ خَزٍّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا أَبُو جَارِيَةَ بْنُ بَلْجٍ قَالَ: رَأَيْتُ لُبَيَّ بْنَ لُبَيٍّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مُطْرَفُ خَزٍّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيَّ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيّ كَانَ يَلْبَسُ الْخَزَّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي ثَنَا إدْرِيسُ بْنُ أَبِي الرَّبَابِ ثَنَا رُدَيْحُ بْنُ عَطِيَّةَ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، قَالَ: رَأَيْت أَبَا أُبَيٍّ ابْنَ أُمِّ حَرَامٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ كِسَاءُ خَزٍّ، انْتَهَى.
وابْنُ أُمِّ حَرَامٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ ابْنُ امْرَأَةِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ ثَنَا أَبِي ثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، قَالَ: أَدْرَكْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: الْأَفْطَسُ، فَرَأَيْت عَلَيْهِ ثَوْبَ خَزٍّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ ثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى حَدَّثَنِي الْأَعْرَجُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مُطْرَفَ خَزٍّ، ثَمَنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَجُلًا بِبُخَارَى عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، عَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ سَوْدَاءُ، وَقَالَ: كَسَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، انْتَهَى.
وذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، فَقَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُوهُ، وَالرَّجُلُ الَّذِي ادَّعَى الصُّحْبَةَ، كُلُّهُمْ لَا يُعْرَفُونَ.
أَمَّا سَعْدٌ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ فَلَا يُعْرَفُ، رَوَى عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ، وَأَمَّا أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَلَهُ ابْنٌ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيُّ، مَرْوَزِيٌّ، صَدُوقٌ، وَلَهُ ابْنٌ، اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، وَهُوَ شَيْخٌ لِأَبِي دَاوُد، وَعَنْهُ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ، انْتَهَى.
الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ، فَأَمَّا الْعَلَمُ مِنْ الْحَرِيرِ، وَسَدَا الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ»، انْتَهَى.
وخُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ، أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ: لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ، وَذَكَرَ كَلَامًا، قَالَ: يُمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» انْتَهَى.
وذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا، فَقَالَ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ: وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَمٍ بِهِ، قِيلَ: وَرَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيّ فِي صَحِيحَيْهِمَا الْمُخْرَجَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا بِوَجْهَيْنِ: يَسْتَحِلُّونَ الْحَرَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ قَالَ: وَهُوَ الزِّنَا، وَرُوِيَ بِخَاءٍ وَزَايٍ قَالَ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.
ورَأَيْت فِي حَاشِيَتِهِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْحِرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَأَصْلُهُ حَرَحٌ، فَنَقَصُوا فِي الْوَاحِدِ، وَأَثْبَتُوا فِي الْجَمْعِ، فَقَالُوا: حِرٌ، وَثَلَاثُ أَحْرَاحٍ، انْتَهَى.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ) لِمَا رَوَيْنَا.
قَالَ: (وَلَا بِالْفِضَّةِ)، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ.
قَالَ: (إلَّا بِالْخَاتَمِ وَالْمِنْطَقَةِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ مِنْ الْفِضَّةِ) تَحْقِيقًا لِمَعْنَى النَّمُوذَجِ وَالْفِضَّةُ أَغْنَتْ عَنْ الذَّهَبِ، إذْ هُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَيْفَ وَقَدْ جَاءَ فِي إبَاحَةِ ذَلِكَ آثَارٌ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَلَا يَتَخَتَّمُ إلَّا بِالْفِضَّةِ، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ بِالْحَجَرِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ حَرَامٌ، وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ خَاتَمَ صُفْرٍ فَقَالَ: «مَا لِي أَجِدُ مِنْك رَائِحَةَ الْأَصْنَامِ» وَرَأَى عَلَى آخَرَ خَاتَمَ حَدِيدٍ فَقَالَ: «مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ» وَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَطْلَقَ فِي الْحَجَرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ يَشْبُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَجَرٍ، إذْ لَيْسَ لَهُ ثِقَلُ الْحَجَرِ، وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
الشرح:
قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إلَّا بِالْخَاتَمِ، وَالْمِنْطَقَةِ، وَحِلْيَةِ السَّيْفِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي إبَاحَةِ ذَلِكَ آثَارٌ.
قُلْت: أَمَّا الْخَاتَمُ فَأَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، لَهُ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجُوهُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَى بَعْضِ الْأَعَاجِمِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إلَّا بِخَاتَمٍ: فَاِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَكَانَ فِي يَدِهِ حَتَّى قُبِضَ»، وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ، وَفِي يَدِ عُمَرَ حَتَّى قُبِضَ، وَفِي يَدِ عُثْمَانَ حَتَّى سَقَطَ مِنْهُ فِي بِئْرِ أَرِيسَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَنُزِحَتْ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ السَّيْفِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْجِهَادِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً»، وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ «كَانَ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ فِضَّةٍ، وَقَبِيعَةُ سَيْفِهِ فِضَّةً، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ حِلَقُ فِضَّةٍ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَهَكَذَا رَوَى هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ»، انْتَهَى.
وحَدِيثُ هَمَّامٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ عِنْدُ النَّسَائِيّ أَخْرَجَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ عَنْ هَمَّامٍ، وَجَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ، قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَالصَّوَابُ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا، وَمَا رَوَاهُ عَنْ هَمَّامٍ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، انْتَهَى.
وَهَذَا الْمُرْسَلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَتْ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: الَّذِي أَسْنَدَهُ ثِقَةٌ، وَهُوَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، انْتَهَى.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَتَادَةَ، فَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «قَالَ: كَانَ حِلْيَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ»، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَنَضْرُ بْنُ ظَرِيفٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَخِي الْحَسَنِ مُرْسَلًا. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ طَالِبِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ هُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَدِّهِ مَزِيدَةَ الْعَصْرِيِّ، قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَإِنَّمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْمَسَانِيدَ عَلَى عَادَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ عِنْدِي ضَعِيفٌ لَا حَسَنٌ، فَإِنَّ هُودَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ بَصْرِيٌّ، لَا مَزِيدَ فِيهِ عَلَى مَا فِي الْإِسْنَادِ مِنْ رِوَايَةٍ عَنْ جَدِّهِ، وَرِوَايَةُ طَالِبِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْهُ، فَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ، وَطَالِبُ بْنُ حُجَيْرٍ أَبُو حُجَيْرٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ الرَّازِيَّانِ.
فَقَالَا: شَيْخٌ، يَعْنِيَانِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا هُوَ صَاحِبُ رِوَايَةٍ انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا.
وَقَالَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِهِ: وَصَدَقَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي تَضْعِيفِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ، فِيهِ طَالِبُ بْنُ حُجَيْرٍ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ، فَمَا عَلِمْنَا فِي حِلْيَةِ سَيْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبًا. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ ثَنَا أَبُو الْحَكَمِ حَدَّثَنِي مَرْزُوقٌ الصَّيْقَلُ: «أَنَّهُ صَقَلَ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا الْفَقَارِ، وَكَانَتْ لَهُ قَبِيعَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَحِلَقٌ مِنْ فِضَّةٍ» انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَأَبُو الْحَكَمِ هَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْرِيفِ بِحَالِهِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ فِي الْجِهَادِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «رَأَيْتُ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَنَعْلُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَبَيْنَ ذَلِكَ حِلَقٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَهُوَ عِنْدُ هَؤُلَاءِ يَعْنِي بَنِي الْعَبَّاسِ»، انْتَهَى الْآثَارُ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ، وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي بَيْتِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَيْفًا قَبِيعَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ، فَقُلْتُ: سَيْفُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: سَيْفُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَقَلَّدَ سَيْفَ عُمَرَ يَوْمَ قَتْلِ عُثْمَانَ، وَكَانَ مُحَلًّى. قُلْت: كَمْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ؟ قَالَ: أَرْبَعُمِائَةٍ. انْتَهَى.
وأَمَّا الْمِنْطَقَةُ فَفِي كِتَابُ عُيُونِ الْأَثَرِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ الْيَعْمُرِيِّ، قَالَ: «وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْطَقَةٌ مِنْ أَدِيمٍ مَنْشُورٍ ثَلَاثٌ، حِلَقُهَا وَإِبْزِيمهَا، وَطَرَفُهَا فِضَّةٌ»، انْتَهَى.
ورَوَى الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ: «مَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ أَغَارُوا عَلَى الذَّهَبِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَخَذُوا مَا أَخَذُوا مِنْ الذَّهَبِ، بَقِيَ مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، رَجَعَ بِهِ حَيْثُ غَشِيَنَا الْمُشْرِكُونَ، وَاخْتَلَطُوا، إلَّا رَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ، جَاءَ بِمِنْطَقَةٍ وَحْدَهَا فِي الْعَسْكَرِ، فِيهَا خَمْسُونَ دِينَارًا، شَدَّهَا عَلَى حَقْوَيْهِ، مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ جَاءَ بِصُرَّةٍ فِيهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِثْقَالًا، فَنَفَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُخَمِّسْهُ». انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى رَجُلٍ خَاتَمَ صُفْرٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَجِدُ مِنْك رَائِحَةَ الْأَصْنَامَ؟ وَرَأَى عَلَى آخَرَ خَاتَمَ حَدِيدٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ؟».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي كِتَابِ الْخَاتَمِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي اللِّبَاسِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ السُّلَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ؟ ثُمَّ جَاءَهُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شِبْهٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَجِدُ مِنْك رِيحَ الْأَصْنَامِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ، وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا»، انْتَهَى.
زَادَ التِّرْمِذِيُّ: «ثُمَّ جَاءَهُ، وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ وَقَالَ: صُفْرٌ، عِوَضُ: شِبْهٍ»، وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ، يُكَنَّى أَبَا طِيبَةَ. انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالثَّمَانِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِيهِ زِيَادَةَ التِّرْمِذِيِّ، دُونَ الْبَاقِينَ.
وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: وَرَأَى عَلَى آخَرَ، لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، كَمَا هُوَ فِي الْحَدِيثِ.
قَالَ: (وَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ حَرَامٌ) لِمَا رَوَيْنَا، وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ» وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّحْرِيمُ، وَالْإِبَاحَةُ ضَرُورَةُ الْخَتْمِ أَوْ النَّمُوذَجِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ بِالْأَدْنَى، وَهُوَ الْفِضَّةُ وَالْحَلْقَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ، لِأَنَّ قِوَامَ الْخَاتَمِ بِهَا، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْفَصِّ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَجَرٍ، وَيَجْعَلَ الْفَصَّ إلَى بَاطِنِ كَفِّهِ بِخِلَافِ النِّسْوَانِ، لِأَنَّهُ تَزَيُّنٌ فِي حَقِّهِنَّ، وَإِنَّمَا يَتَخَتَّمُ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانُ لِحَاجَتِهِ إلَى الْخَتْمِ، فَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَالْأَصْلُ أَنْ يُتْرَكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِمِسْمَارِ الذَّهَبِ يُجْعَلُ فِي حَجَرِ الْفَصِّ) أَيْ فِي ثُقْبِهِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ فَلَا يُعَدُّ لَابِسًا لَهُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ».
قُلْت: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، وَعَنْ لِبَاسِ الْقِسِيِّ، وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»، انْتَهَى.
وأَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ الْقِسِيِّ، وَعَنْ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَعَنْ الْجِعَةِ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْهُ وَهُوَ قِسْمُ النَّوَاهِي ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَالْبَاقُونَ فِي اللِّبَاسِ، وَلَقَدْ أَبْعَدَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ إذْ اسْتَشْهَدَ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتَمَك انْتَفِعْ بِهِ، قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، لَا آخُذُهُ أَبَدًا، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَاَلَّذِي قَلَّدَهُ الشَّيْخُ.
قَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ» رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ»، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهَذَا جَهْلٌ فَاحِشٌ، فَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَفِي السُّنَنِ بِلَفْظِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَيْتَهُ اسْتَشْهَدَ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ»، انْتَهَى.
وَفِي حَدِيثِ «الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، وَفِيهِ: وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ، أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ»، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
قَالَ: (وَلَا تُشَدُّ الْأَسْنَانُ بِالذَّهَبِ وَتُشَدُّ بِالْفِضَّةِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا بَأْسَ بِالذَّهَبِ أَيْضًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: مِثْلُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، لَهُمَا «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ الْكِنَانِيَّ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ بِالْفِضَّةِ وَهِيَ الْأَدْنَى فَبَقِيَ الذَّهَبُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالضَّرُورَةُ فِيمَا رُوِيَ لَمْ تَنْدَفِعْ فِي الْأَنْفِ دُونَهُ حَيْثُ أَنْتَنَ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: رُوِيَ «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَأَنْتَنَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْخَاتَم، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي اللِّبَاسِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ أَنَّ جَدَّهُ «عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ»، انْتَهَى.
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مُوسَى بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ بِهِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ بِهِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ بِنَحْوِهِ، وَزَادَ: قَالَ يَزِيدُ: فَقُلْتُ لِأَبِي الْأَشْهَبِ: أَدْرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَرَفَةَ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: أُصِيبَ أَنْفِي، فَذَكَرَهُ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ نَحْوُهُ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، إنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ، رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الْأَشْهَبِ، وَقَدْ رَوَاهُ سَلَمُ بْنُ زُرَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي الْأَشْهَبِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لَهُمْ. انْتَهَى.
وبَوَّبَ عَلَيْهِ بَابُ مَا جَاءَ فِي شَدِّ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَب، وَرِوَايَةُ سَلَمِ بْنِ زُرَيْرٍ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا التِّرْمِذِيُّ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيّ عَنْهُ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَرَفَةَ عَنْ جَدِّهِ عَرْفَجَةَ، فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَرَفَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ وَكَانَ جَدَّهُ وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ رَأَى جَدَّهُ، قَالَ: أُصِيبَتْ أَنْفُهُ، الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنُ أَسْعَدَ أُصِيبَ أَنْفُهُ، الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْأَشْهَبِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ، فَالْأَكْثَرُ يَقُولُ: عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ بْنِ عَرْفَجَةَ عَنْ جَدِّهِ، وَابْنُ عُلَيَّةَ يَقُولُ: عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طُرْفَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: فَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَدِّثِينَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ مُنْقَطِعَةً، فَإِنَّهَا مُعَنْعَنَةٌ، وَقَدْ زَادَ فِيهَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَاحِدًا، وَلَا يَدْرِي، هَذَا قَوْلُهُمْ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ طَرَفَةَ سَمِعَ جَدَّهُ، وَقَوْلُ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ: إنَّهُ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: إنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، وَقَدْ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا فِيهِ الْأَبَ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ طَرَفَةَ الْمَذْكُورَ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يُعْرَفُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ أَبِي الْأَشْهَبِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى أَبِيهِ طُرْفَةَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ كَانَ الْحَالُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفِ الْحَالِ، وَلَا مَذْكُورًا فِي رُوَاةِ الْأَخْبَارِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ، وَمَوْقُوفَةٌ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ أَبَاهُ سَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشُدَّهَا بِذَهَبٍ» انْتَهَى.
وقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إلَّا أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَابِرٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ زُرَارَةَ ثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قَالَ: «انْدَقَّتْ ثَنِيَّتِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَتَّخِذَ ثَنِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ»، انْتَهَى.
الْآثَارُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ هَارُونَ الْقَزَّازُ الْمَكِّيُّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَانَ عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَطُوفُ بِهِ بَنُوهُ حَوْلَ، الْكَعْبَةِ عَلَى سَوَاعِدِهِمْ، وَقَدْ شَدُّوا أَسْنَانَهُ بِذَهَبٍ. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ: عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيِّ عَمَّنْ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَنَّهُ ضَبَّبَ أَسْنَانَهُ بِذَهَبٍ. انْتَهَى.
ولَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ثَنَا هُشَيْمِ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو سُهَيْلٍ، مَوْلَى مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدْ شَدَّ أَسْنَانَهُ بِذَهَبٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ سُئِلَ عَنْ شَدِّ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، قَدْ شَدَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: رَأَيْت بَعْضَ أَسْنَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ مَشْدُودَةً بِالذَّهَبِ. انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَرْطَبَانَ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دُرَّةَ، يُكَنَّى أَبَا عَوْنٍ، كَانَ ثِقَةً وَرِعًا عَابِدًا، تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ بِلَالٌ قَدْ ضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ، لِكَوْنِهِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَرَبِيَّةً، فَقِيلَ لَهُ يَوْمًا: إنَّ بِلَالًا فَعَلَ وَفَعَلَ، فَقَالَ: دَعُونَا، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ مَظْلُومًا، فَلَا يَزَالُ يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ ظَالِمًا، انْتَهَى.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الذُّكُورُ مِنْ الصِّبْيَانِ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ)، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمَّا ثَبَتَ فِي حَقِّ الذُّكُورِ حُرِّمَ اللُّبْسُ وَحُرِّمَ الْإِلْبَاسُ كَالْخَمْرِ لَمَّا حُرِّمَ شُرْبُهَا حُرِّمَ سَقْيُهَا.
قَالَ: (وَتُكْرَهُ الْخِرْقَةُ الَّتِي تُحْمَلُ فَيُمْسَحُ بِهَا الْعَرَقُ)، لِأَنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ وَتَكَبُّرٍ.
قَالَ: (وَكَذَا الَّتِي يُمْسَحُ بِهَا الْوُضُوءُ أَوْ يُمْتَخَطُ بِهَا) وَقِيلَ إذَا كَانَ عَنْ حَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ عَنْ تَكَبُّرٍ وَتَجَبُّرٍ، وَصَارَ كَالتَّرَبُّعِ فِي الْجُلُوسِ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرْبِطَ الرَّجُلُ فِي أُصْبُعِهِ أَوْ خَاتَمِهِ الْخَيْطَ لِلْحَاجَةِ) وَيُسَمَّى ذَلِكَ الرَّتْمَ وَالرَّتِيمَةَ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ قَالَ قَائِلُهُمْ: لَا يَنْفَعَنَّكَ الْيَوْمَ إنْ هَمَّتْ بِهِمْ كَثْرَةُ مَا تُوصِي وَتَعْقَادُ الرَّتْمِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ: وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَبَثٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ وَهُوَ التَّذَكُّرُ عِنْدَ النِّسْيَانِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ يَعْنِي رَبْطَ الْخَيْطِ فِي الْإِصْبَعِ لِيُذَكِّرَهُ الْحَاجَةَ».
قُلْت: غَرِيبٌ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسِهِ «أَنَّهُ كَانَ يَرْبِطُ فِي إصْبَعِهِ خَيْطًا لِيَذْكُرَ بِهِ الْحَاجَةَ»، فَرَوَى أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى أَبِي الْفَيْضِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَشْفَقَ مِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَنْسَاهَا رَبَطَ فِي إصْبَعِهِ خَيْطًا لِيَذْكُرَهَا»، انْتَهَى.
ورَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي ضُعَفَائِه، وَابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَسْنَدَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي سَالِمٍ هَذَا أَنَّهُ مَتْرُوكٌ، وَأَسْنَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ فَقَطْ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ سَالِمٌ هَذَا يَضَعُ الْحَدِيثَ، لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ، وَلَا الرِّوَايَةُ عَنْهُ. انْتَهَى.
وقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكُبْرَى: سَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَيُقَالُ: سَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. انْتَهَى.
وقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَسَالِمٌ هَذَا ضَعِيفٌ، وَهَذَا مِنْهُ. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ عَنْ بِشْرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَوْثَقَ فِي خَاتَمِهِ خَيْطًا»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِبِشْرٍ هَذَا، وَقَالَ: إنَّهُ عِنْدِي مِمَّنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْكُوفِيِّ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَطَ فِي إصْبَعِهِ خَيْطًا، فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: شَيْءٌ أَسْتَذْكِرُ بِهِ»، انْتَهَى.
وذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ، وَنَقَلَ فِي الْأَوَّلِ كَلَامَ ابْنِ حِبَّانَ فِي سَالِمٍ، وَنَقَلَ فِي الثَّانِي كَلَامَ ابْنِ عَدِيٍّ فِي بِشْرٍ، وَنَقَلَ فِي الثَّالِثِ عَنْ السَّعْدِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ فِي غِيَاثٍ هَذَا أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، وَالْبُخَارِيِّ أَنَّهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسِ بْنِ كَامِلٍ ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ رَافِعٍ بِنَحْوِهِ.
حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ: أَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَوَّلَ خَاتَمَهُ، أَوْ عِمَامَتَهُ، أَوْ عَلَّقَ خَيْطًا لِيُذَكِّرَهُ، فَقَدْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ، إنَّ اللَّهَ هُوَ يُذَكِّرُ الْحَاجَاتِ» انْتَهَى.
وأَعَلَّهُ بِبِشْرٍ هَذَا.